كتاب ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية
- Posted by 7ewar
- التصنيفات مكتبة حوار
- Date 16/05/2023
- التعليقات 0 comment
كتاب “ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية”
للدكتور الشهيد محمد سعيد رمضان البوطي رحمه الله
صحيح أن الشريعة فتحت باب الاجتهاد فيما لا نص فيه، ولكنها قيدت الاجتهاد وبشروطه المعروفة التي يجب أن تتوفر فيمن نصب نفسه للبحث والاجتهاد، وإلا فهو اجتهاد باطل يضرب به عرض الحائط. وصحيح أن الشارع راعى في أحكامه مصالح العباد، ولكن تلك المصالح في الشريعة الإسلامية منضبطة ومحدودة في جميع أطرافها، بما لا يدع مجالاً للاضطراب أو الغموض في فهمهما في أنواعها ترتيباً لا يترك أي سبيل للتناقض أو التداخل فيما بينها، ومتفرعة من أصل راسخ متين مستقر ثابت في قلب كل مؤمن صادق، ألا وهو العبودية لله عز وجل. إلا أنه تسرب خطأ في فهم هذه الكلمة حيث يميل البعض تقدير ما به يكون الصلاح والفساد إلى الناس أنفسهم، غير أن الحقيقة هي أن تقدير الصلاح والفساد عائد إلى الشريعة نفسها.
ولقد وضعت الشريعة الأسس العامة لهذه المصالح في بيان لا يلحقه أي نسخ أو تبديل، وأجملته في خمسة مقاصد هي: حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال، طبق هذا الترتيب فيما بينها. كما أرشدت إلى الأدلة والملائم التفصيلية لها بما لا يقبل أي تأويل أو تغيير وهي أن لا تخالف جزئياتها نصوص الكتاب أو السنة أو القياس الصحيح. ومن وحي الآراء الداعية إلى الاجتهاد وتحكيم المصالح في فهم الشريعة يأتي هذا البحث الذي هو بمثابة اجتهاد للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي في فهم حقيقة المصالح الشرعية وحدودها وضوابطها وأسسها.
وجاء البحث مرتباً ضمن تمهيد وثلاثة أبواب وخاتمة أما التمهيد فقد تم تخصيصه لتعريف المصلحة في اللغة والاصطلاح، وعرض مقارنة موجزة بين المصلحة كما هي في الشريعة الإسلامية وكما رآها علماء الفلسفة والأخلاق، وحجز كل منهما عن الآخر بخطوط عريضة من الخصائص التي تكشف عن جوهر كل منهما. بدأ الدكتور البوطي بحث هذا بهذا التمهيد، عملاً بقاعدة “الحكم على الشيء فرع عن تصوره” فلا بد، قبل الحكم على المصالح الشرعية بأي حكم من الأحكام، من تصور المصالح الشرعية على حقيقتها، صافية عما قد يلتبس بها، وأخطر ما يلتبس بالمصالح الشرعية في هذا العصر ما يسمى أيضاً بالمصالح في حكم المدينة الغربية وحضارتها. وكل منهما في الحقيقة مرآة لما انتهت إليه وساوس علماء الفلسفة والأخلاق لا سيما في هذا العصر. أما الباب الأول فقد خصص للتدليل على أن الشريعة الإسلامية وافية بمصالح العباد متضمنة لكل ما فيه سعادتهم في دنياهم وآخرتهم، مع دحض ما قد يعرض من شبه أمام هذه الحقيقة. ثم ليعرض في الباب الثاني، لبيان الضوابط التفصيلية للمصلحة الشرعية، وحصرها في خمسة أمور،
الأول: عدم مخالفتها لمقاصد الشارع،
الثاني: عدم مخالفتها للكتاب،
الثالث: عدم مخالفتها للكتاب،
الثالث: عدم مخالفتها للسنة،
الرابع: عدم مخالفتها للقياس الصحيح،
الخامس: عدم تفويتها مصلحة مساوية لها أو راجحة عليها.
وقد أولى الدكتور البوطي التفصيلات المتعلقة بهذه الضوابط مزيداً من الدرس في هذا الباب وإلا فإن كثيراً من الباحثين سيظلون يجازفون في السير وراء اسم المصلحة، مكتفين من التمسك بهذه الضوابط بالموافقة مجرد عناوينها. أما الباب الثالث والأخير فقد خصصه لبحث المصالح المرسلة، مؤثراً تخصيصه بباب مستقل على الرغم من أن مناسبة الحديث عنه جاءت خلال الباب الثاني، نظراً مدى أهمية وكثرة ما قيل فيه وشدة الحاجة إلى ضبطه وتحرير المقصود به. ثم جاء في أعقاب هذه الأبواب الثلاثة خاتمة صغيرة أوجز فيها الدكتور البوطي أهم ما انتهى إليه خلال رحلته في هذا البحث، موضحاً أخطر ما ينبغي على الباحثين والمجتهدين التنبه له لدى الأخذ بالمصالح والسير وراءها